بارقةُ أملٍ لدّى اللّبنانيين تجلّت بوصول باخرة التنقيب عن النفط Transocean Barents إلى المياه اللّبنانية، بعد رحلةٍ استغرقت أسابيع عدّة، لترسو الباخرة في منطقة الحفر المحدّدة لها في البلوك9، لبدء أنشطة التنقيب التي تقودها شركة "توتال إنرجيز"، وسط تفاؤل عارم أعرب عنه وزير الطاقة وليد فيّاض ووزير الأشغال والنقل علي حميّة. فهل ينضمّ لبنان فعليّاً إلى لائحة البلدان النفطية؟
البروفيسور في العلوم الإقتصادية وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والإجتماعي أنيس أبو دياب لفتَ إلى أنَّ "التنقيب في البلوك رقم 9 سيبدأ بشكلّ طبيعيّ خلال 10 أيّام، على أن تظهر النتائج الأولية بعد قرابة الثلاثة أشهر، أيّ خلال شهرَي تشرين الثاني وكانون الأول، ليتبيّن على ضوئها ما إذا كانت الكميّات الموجودة في البحر تجاريّة أم لا".
وأكّد أبو ديّاب في حديثٍ خاص لموقع "بلوبيرد لبنان" أنَّ المؤشرات بأكملها تفضي إلى كون الأجواء إيجابيّة، إذ حينها سيبدأ لبنان رحلة التنقيب الجدّي لاستخراج الكميّات من الغاز والإستفادة منها، مشدّداً على "وجوب إقرار الصندوق السيادي بالتزامن مع تطبيق القوانين اللوجيستية والتقنيّة التي يحتاج إليها العاملون في المنصة من خلال شركة "توتال إنرجيز" التي بدأت بهذا العمل اللوجستي، وبذلك فإنَ الأمور تسير بالإتجاه الصحيح".
أبو دياب كشفَ عن السيناريو المتوقّع في حال كانت الكميّات المُستخرجة تجاريّة، مقدّراً الموجودات في البلوك رقم 9 بحوالي 100 إلى 300 مليار دولار على 25 سنة، توزّع على الشركات الثلاث التي تقود العملية، بالإضافة إلى حصّة الدولة اللّبنانية من عائدات النفط والغاز، لافتاً إلى أنّه بالأصول المالية حين تصبح دولة ما نفطية، تتمكّن عندئذ من الربط مع المؤسسات المالية الدولية، وبالتالي الإستدانة منها لسدّ حاجياتها وفقاً لهذه الأصول.
وعن المخاوف لناحية الإستفادة من التنقيب، رأى أبو دياب أنّ الأهم من وجود النفط، في حال وجِد، هو انتظام عمل الدولة ومؤسساتها للإستفادة بشكل فعليّ، لافتاً إلى أنّه "في ظلّ التنازع على السلطة وغياب التنسيق الفعليّ بين مكوّناتها، بالإضافة لعدم وجود خطّة متكاملة نحو إعادة النهوض بالإقتصاد الوطني، أخشى أن يكون هناك عدم استفادة سليمة من مخزون النفط والغاز، علماً أنَّ هناك وسائل عدّة للإستفادة منها، وبالتالي تدوير اقتصادنا وإعادة النهوض من خلال ربط عملية التنقيب واستخراجه بالإقتصاد الوطني وجعله قاطرة للقطاعات الإقتصادية الأخرى".
يعوّل اللّبنانيون على أن يكون البلوك رقم 9 غنيّ بالغاز والنفط، للخروج من حالة الإنهيار والنهوض بمختلف القطاعات لاسيما قطاع الطاقة الذي أزهق المليارات من خزينة الدولة نتيجة الفساد المستشري، إذا ما تمّ تغليب المصالح الخاصة على حساب الوطن.